حكم الإشارة بالسبابة عند الدعاء؟
السؤال :
هل يجوز رفع السبابة للدعاء أو التأمين بدلا من رفع اليدين ، وخاصة إن عجز عن رفع يديه، كالدعاء أثناء قيادة السيارة ؟
الجواب :
الحمد لله
ثبت
أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار بأصبعه السبابة عند الدعاء على المنبر يوم الجمعة
، فعَنْ
عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ رضي الله عنه أنه : رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ عَلَى
الْمِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ ، فَقَالَ: (قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ
، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَزِيدُ
عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا : وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ)
رواه مسلم (874) .
وروى أبو داود (1499) والنسائي (1273) عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله
عنه قَالَ : (مَرَّ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا
أَدْعُو بِأُصْبُعَيَّ ، فَقَالَ : أَحِّدْ ، أَحِّدْ . وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ)
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
أي
: أشِْر بأصبع واحدة ، لأن الذي تدعوه واحد . قاله المباركفوري في "تحفة الأحوذي" ،
والسندي في "حاشيته على ابن ماجه" .
وهذا الحديث ، يحتمل أنه كان في الصلاة ، ويحتمل أنه كان خارجها ، ولم نقف في شيء
من طرق الحديث ـ بعد البحث ـ يدل على أنه كان في الصلاة ، ولعل هذا هو ما جعل بعض
العلماء يضعونه على الإشارة بالسبابة عند الدعاء في الصلاة وغيرها .
قال
المناوي في "فيض القدير" (1/238) :
"وزعم بعضهم أن ذلك كان في التشهد ، ولا دليل عليه" انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعليقاً على حديث سعد السابق :
"قالوا: ومعناه : أشِّر بواحدة ، فإن الذي تدعوه واحد ، وهذا نص بيِّنٌ في أن
الإشارة إلى الله ، حيث قال له : أحِّد أحِّد ، أي : أحِّد الإشارة ، فاجعلها بأصبع
واحدة ، فلو كانت الإشارة إلى غير الله لم يختلف الأمر بين أن يكون بواحدة أو أكثر
، فعلم أن الإشارة لما كانت إلى الله ، وهو إله واحد ، أمره أن لا يشير إلا بإصبع
واحدة ، لا باثنين ، وكذلك استفاضت السنن بأنه يشار بالأصبع الواحدة في الدعاء
في الصلاة ، وعلى المنابر يوم الجمعة ، وفي غير ذلك" انتهى .
"بيان تلبيس الجهمية" (2/443) .
وقال البهوتي الحنبلي رحمه الله :
"ويشير أيضا بسبابة اليمنى عند دعائه في صلاة وغيرها" انتهى .
"كشاف القناع" (1/356-357) .
فالحاصل : أن الإشارة بالسبابة عند الدعاء من السنن الواردة التي قررها أهل العلم ،
وإن كان الأكثر من هدي النبي صلى الله عليه وسلم هو رفع اليدين ، ولكن لا حرج من
العمل بأي من السنتين بحسب ما يتيسر ، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : (المسألة
: أن ترفع يديك حذو منكبيك أو نحوهما ، والاستغفار : أن تشير بإصبع واحدة ،
والابتهال : أن تمد يديك جميعاً) رواه أبو داود (1489) وصححه الألباني في صحيح أبي
داود .
قال
ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
"وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة رفع يديه في الداء أنواع متعددة ،
فمنها : أنه كان يشير بأصبعه السبابة فقط . وروي أنه كان يفعل ذلك على المنبر ،
وفعله لما ركب راحلته ...
ومنها : أنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه وجعل ظهورهما إلى جهة القبلة وهو مستقبلها
وجعل بطونهما مما يلي وجهه" انتهى باختصار من "جامع العلوم والحكم" ص 126 ، 127 .
والله أعلم .